Powered By Blogger

الأربعاء، 22 فبراير 2017

الشيطان يعظ

تبعث لي صديقتي على برنامج الواتساب كلام له صبغة دينية لكنه ليس كذلك، يبدأ بسرد قصة طويلة ملفقة وغير حقيقية أو منطقية وينتهي السرد بجملة لا تجعلها تقف عندك ينوبك ثواب!
أقرأ القصة وأنا أتململ وأتأمل، وأحاول أفهم ما الهدف من إستخدام الكذب في الوعظ! ياله من أسلوب شيطاني!
في يوم من الأيام كنت مع صديقة لي نسير في الشارع بسلام، أوقفنا شاب ملتحي ملامحه هادئة، نظراته مشمئزة مد لنا يده بكتيب صغير بعنوان حكم لبس المرأة للبنطلون، و آخر بعنوان "مستنية إيه!
أخدنا منه الكتيبات في دهشة، ونظرت إلى صديقتي وقولت لها " صحيح! مستنية إيه! "
كان عمري وقتها حوالي 19 عام، عندما ذهبت إلى منزلي أدركت لماذا كان ينظر إلينا هذا الشاب بإشمئزاز دون أن يعرفنا حتى! ودون أن تكون رائحتنا كريهة! ودون أن يكون مصاب بإلتواء في أنفه أيضًا!
سأل أحد الشيوخ أحد الشباب.. هل توافق على أن تتزوج إمرأة ترتدي البنطلون؟
تنوعت الإجابات من شاب لآخر ما بين الرفض والرفض، فمنهم من رآها عاهرة لا تصلح لتربية الأبناء، ومنهم من رآها مصابة بعقدة نقص من الرجال لأن الرجال متفوقين على المرأة في كل المجالات، وبالتالي فهي ليس بيدها أي حيلة سوى "التشبه بهم".
مستنية إيه! هل تعلمي يا أختاه أنكِ عورة، وأن أغلب أهل النار من النساء؟ وأنكِ مفسدة يجب أن تختفي حتى لا تثيري شهوات الرجل المؤمن فتدخليه النار!
هل تعلمين أن الحُب حرام إلا لزوجك، وهل تعلمين أنه لا يجب عليكِ سوى طاعته وراحته ليرضى عنكِ وتدخلين الجنة!

عند قراءتي لتلك الكتيبات أصبت بالرعب أكثر من قراءتي لكتيب أول ليلة في القبر للأستاذ عمرو خالد! تخيلوا، ونظرت إلى نفسي في المرآة ناعتة نفسي بظل الشيطان وآداته لغواية الصالحين.
لكنني تسآلت أيضا.. لماذا يكرهني الله وقد خلقني! لماذا يجعلني مخلوق خُلق من أجل متعة مخلوق آخر، ليس له نفس الحقوق ولا عليه نفس الواجبات! لماذا يجعلني الله حطبًا لجهنم! لماذا سأعلق من شعري يوم القيامة! أو ربنا صدري لا اتذكر! لماذا سيلعنني الله إن مسست حواجبي! 

إذا سمعتم الموسيقي فيوم القيامة سيُصبَ في آذانكم الحديد المصهور، كانت تلك الجملة معلقة في مدخل مسجد إعتدت أن أصلي فيه لأنني أشعر فيه "بالسكينة".
قاطعت الموسيقي شهرًا كاملاً خوفا من صب الحديد المصهور في أذني!
تأملت ووجدت أن للموسيقي أثر طيب على نفسي، ووجدت أن للكون موسيقي ونغم!
كان هناك فترة إنتشرت فيها فيديوهات عن عذاب القبر، وعن تلك التي مزقت القرآن فتم سخطها، وعن هذا الذي ألحد فأكلت الثعابين جثته، جميعها مفبرك! وجميعها قصص غير حقيقية، كذب! ولكن الكذب حرام! فكيف تدعوا لدينك بإستخدام الكذب الذي يحرمه الدين!
ما الفائدة من الترهيب، والرعب، ونشر الكراهية والتمييز، وإحتقار المرأة، وجعل الكذب منهجًا للدعوة إلى دين الله! أحد الشيوخ قال بأن الإبنة لا يجب أن ترتدي ملابس مكشوفة أمام أبيها! حتى ... لا... تثير... شهوته!
هذا المختل المريض يتبعه الملايين ويؤثر فيهم، ويعتبره البعض في مرتبة الإله المنزه. نفس هذا المختل أراد أن يثبت، لا أدري هل لنفسه أم للآخرين، أن دينه هو دين الحق، ففي مؤتمر ما قرر أن يتلوا على شخص أعجمي لا يفقه العربية آيات من القرآن الكريم، ويقول جملة عادية بنفس طريقة التلاوة؛ ثم سأل هذا الشخص إلى أي جملة مال قلبه، فأجاب الشخص، الجملة الثانية، فبهت الشيخ الفشيخ!
لم يجعله هذا الموقف أضحوكة وفقط، بل أذى ما يدعي أنه شيخ فيه، أي أذى دينه ودعوته!
لا أرى سوى أفعال الشيطان في كل ما سبق، فإذا لم يكن نشر الكراهية والبُغض والكذب والنفاق والتلفيق هي رجس من عمل الشيطان، فماذا سيكون إذن! عندما أرى هؤلاء أرى الشيطان وهو يعظ، يعظكم لعلكم تكرهون، وتفسدون، وتقتلون مع إعطاء مبررات لأنفسكم منها إني أتقرب إلى الله، أكذب كي أجذب الناس إلى دينه، وعندما أدعوا الناس للدين أتلوا عليهم آيات الرحمة دون آيات العذاب فأنا أريد ترغيبهم! نعم عزيزي القارئ هذا منطق يتبعه الكثيرون للأسف!
فكرت في ما سأشعر به عندما أعتنق دينًا بناء على سماعي آيات ترغيب فيه دون آيات العذاب! سأشعر بالخيانة و سأشعر بالكذب! فإذا كانت تلك هي أخلاق من يدعوني لدينه إذن فهو صورة هذا الدين!

أعزائي رُسل الشيطان، لكم دينكم ولي دين.

الأحد، 19 فبراير 2017

المــــوت

المـــوت 
المووووت، كلكوا هتنزلوا تحت .. أوكسيم بالله العظيم لتنزلوا تحت
ولما تنزلوا تحت.. هتموتوا!

البُبعع، المخوفاتي، والنهاية الحتمية، والحقيقة المؤكدة، والوجه الآخر للعملة!

يُخيف البشر، ويتعامل معه الحيوانات بسلاسة، يستسلمون بهدوء دون خوف، لقد عاشوا وجاء وقت الموت الآن، فما المشكلة!
بعضهم من يذهب لمكان منعزل ينتظر قدره، وبعضهم من يودع دنياه وهو متشبثا بصاحبه البشري؛ نرى ذلك جميعًا في الكلاب والقطط، ومنهم من يصيبه اليأس وينتحر مثل الحيتان!

مريت بتجربة الموت مع أكثر من قط، كان كلٌ منهم يمتلك قطعة من روحي، انطفأت برحيلهم؛ يدرك القط أنه مفارق، يظهر الموت في عينيه، أستشعره قبلها بفترة، ينقبض قلبي؛ فأدرك السبب لاحقًا، إنه على وشط أن يفارقني، قطعة أخرى من روحي ستُظلم، أرتعب، وأخاف، أعجز عن التصرف، أستسلم للأمر الواقع، أصبح وحيدة..

يُستخدم الموت كآداة وعظية في الأديان، حتى الأديان القديمة تحدثت عن الثواب والعقاب بعد الموت، وتحدثت عن حياة أخرى.
عندما تشتد تلك اللهجة الوعظية والتي يغنيها حدث غامض ومرعب مثل "الموت" عن إضافة أي "تحابيش"، فالموت مرعب في حد ذاته بما يكفي! إنه مجهول والمجهول مرعب، لا ضرورة لي أن أرتعب من العذاب الذي سأذوقه فهذا الرعب سوف يجمدني ولن أفعل شيئًا لأنجو!
مريت بتلك المرحلة، حتي إني لم أكن أستطيع النوم خوفًا من الموت الغفلة! وهل هناك موت ليس على غفلة! حتى إنك لو إنتحرت لن تدرك في أي دقيقة سوف تزهق روحك!
الموت الذي رأيته ومررت به من خلال والدي وقططي الأحباء، كان موت هادئ، بلا ذعر، بلا خوف، بإطمئنان، بهدوء!

تصيح قططي قبل موتها، الصيحة الأخيرة، لا أدري هل هي صرخة وداع للحياة التي بدأت بصرخة أيضًا، أم ألم، أم غضب!

في الموت تخرج الروح من الجسد، فيتوقف الجسد عن الحركة، عن الإحساس، عن أي شئ وكل شئ، ماذا عن الشئ السحري الذي كان داخل الجسد! لا أدري!

رأيت والدي مُسجى، تحدثت إليه، قبًلت جبينه، إنه بارد! لا حياة فيه! قلت له انت دلوقتي أحسن يا بابا!

سرحت في كونه في مكان ما أفضل، أو ربما إنتهى كأي نجم في السماء، أو ربما تحولت روحه إلى نجمة في السماء. لم أتصور أو أحاول التصور أنه الآن يُعذّب مثلًا، لم أتخيل أنه لا يزال موجودًا "بروحه حوالينا". 
قلت في نفسي، ماذا وإن إنتقل لمستوى تاني من اللعبة، لا ندركه ولا نعرف عنه شيئًا!
تمنيت أن يكون أكثر متعة وراحة، تمنيت أن يلقي فيه السعادة التي لم يشعر بها في عالمنا.

أفضل أن أتصور الموت على أنه رحلة أو مرحلة أخرى، عبور من بوابة عالم لعالم آخر، بدلًا من أنه بوابة عبور إلى الجحيم!

يجرحنا الموت في فقد من نحب، من نهتم بأمرهم، من نريد بشدة أن نضحي بأرواحنا في سبيل بقاءهم هنا، في هذه الحياة!
فكيف لمن يتحدثون عن الموت بكل ثقة أن يجزمون ويسردون الحقائق عنه، وهم لم يستطيعوا حل ألغاز الحياة التي يعيشونها! من أين لكم اليقين بأنه شئ مرعب، لماذا تصرون على تصدير تلك الفكرة! تلك الفكرة تفيد في السيطرة، الترهيب من أجل تثبيت أوتاد بعض الأفكار.

و أخيرًا تلك مجرد أفكار عشوائية غير مرتبة.